يقع وادى نهر تشوتشونغخه فى المجرى العالى لنهر اللؤلؤ بجنوب غربى الصين. وكانت هذه المنطقة ذات الأحراش الكثيفة قد شهدت استصلاحا مفرطا ثم تورطت فى فقر ايكولوجى . وقد تخلص الجماهير الفقراء من الفقر تدريجيا فى السنوات العشرين الماضية بمساعدة مشاريع دعم الفقراء الحكومية.

وكانت قرية تونغجينغ فى قلب وادى نهر تشوتشونغخه قرية فقيرة بسبب ظاهرة التحجر الخطيرة , اذ حلت الأحجار محل 80% من التربة فى الأرض , وحدثت السيول المحملة بالطين والصخور وغيرها من الكوارث الجيولوجية مرات عديدة بالقرية. وقامت المناطق المحلية بمشاريع دعم الفقراء من أجل تخليص السكان من الفقر.

وقال فلاح بقرية تونغجينغ , واسمه وو وى يونغ , ان عائلته كانت تسكن فى الأكواخ المبنية من الأخشاب والقش على مساحة 30 مترا مربعا, ودائما ما تسبب في هدمها تساقط البرد . وانتقلت عائلته الى البيوت الجديدة المبنية من الآجر على مساحة 240 مترا مربعا فى العام الماضى . وساعدته مشاريع دعم الفقراء على زراعة نباتات العقاقير التقليدية فى الجبال , مما زاد من دخل عائلته الى نحو 200 ألف يوان ( الدولار الأمريكى الواحد يساوى نحو 6.45 يوان ) سنويا.

وقال بنغ تشو تساى , أمين الفرع الحزبى لقرية تونغجينغ , ان مثل هذه المناطق ذات الطبيعة البيئية الهشة لا تناسب زراعة الذرة وغيرها من المحاصيل الغذائية. وخصصت الحكومة أموال دعم الفقراء في القرى الفقيرة وعززت الاستثمار لتحسين الطرق المؤدية الى البلدات والقرى. وأتى عاملو وخبراء العلوم والتكنولوجيا الزراعية الى قرية تونغجينغ للقيام مع الفلاحين بتجارب زراعة نباتات العقاقير التقليدية والأشجار بين شقوق الحجارة, وحققوا نتيجة ناجحة.

ودفعت المشاريع , التي تجمع بين زراعة نباتات العقاقير والأشجار المثمرة وبين معالجة التحجر, دفعت زيادة دخول الفلاحين , حيث ازداد معدل الدخول لـ 3100 فلاح فى قرية تونغجينغ بالضعف , وتحولت الغرف المبنية من الطين والأكواخ المبنية من القش الى غرف مبنية من الآجر .

وتعد منطقة بيجيه التي تقع بها قرية تونغجينغ منطقة فقيرة فى الصين, وقد مر بها الجيش الأحمر في زمن المسيرة الكبرى, كما حددتها الأمم المتحدة كمنطقة غير مناسبة لعيش البشر فى الماضى, وهى تعد منطقة محورية لشريحة فقيرة بجنوب غرب الصين قبل عشرين سنة .

تحتل المناطق الجبلية 93.3% من أراضى منطقة بيجيه التى تبلغ مساحتها 26.853 ألف كيلومتر مربع , حيث يضم الكيلومتر المربع الواحد أكثر من 200 شخص.

ودعا الرئيس الصيني هو جين تاو , الذى تولى منصب أمين لجنة المقاطعة الحزبية فى مقاطعة قويتشو عام 1988 , الى انشاء منطقة تجريبية وطنية للاصلاح فى منطقة بيجيه, وصادق مجلس الدولة على بناء منطقة تجريبية ل"دعم الفقراء عبر التنمية والبناء الايكولوجى ".

وقامت الصين باختبار خاص لمكافحة الفقر فى " افقر " منطقة تجريبية للاصلاح فى الصين خلال 23 سنة , حيث بذلت الجهود لتحويل دعم الفقراء عبر الاعانة الى دعم الفقراء عبر التنمية, وأنشأت منصة الصناعات ذات التفوق والخصائص المحلية, مما قدم أساسا متينا لاستئصال الفقر و تطبيق التنمية المستدامة الاقتصادية والاجتماعية . وانخفض عدد الفقراء فى منطقة بيجيه من 3.12 مليون شخص الى 318.4 الف شخص, وتراجعت نسبة الفقر المطلق من 65.4% الى 7.6%.

وقال تشنغ ون كاى , نائب رئيس مكتب تخفيف الفقر والتنمية لمجلس الدولة, ان الصين تعد أكبر دولة نامية من حيث السكان فى العالم. وقد قاد الحزب الشيوعى الصينى البلاد لبناء طريق تخفيف الفقر والتنمية الذى يتناسب مع الوضع الصينى, وحققت أعمال دعم الفقراء وتخفيف الفقر منجزات عظيمة.

وكان قد بلغ عدد الفقراء المدقعين الذين يواجهون مشكلة عدم كفاية الغذاء والكساء 250 مليون شخص فى أرياف الصين فى عام 1978. وقال هوى ليانغ يوى , نائب رئيس مجلس الدولة الصينى , فى الاجتماع الخاص للأطراف السياسية الآسيوية للحد من الفقر الذى عقد فى يوليو 2010 , ان الحزب الشيوعى الصينى والحكومة الصينية وضعا الاستراتيجية والسياسات المناسبة للوضع فى الصين لتخفيف الفقر منذ الثمانينات من القرن الماضى, وأنشأت هيئات رائدة خاصة لتخفيف الفقر, ونفذت خطط تخفيف الفقر للفقراء والمناطق الفقيرة, وعززت بناء البنية الأساسية وتعديل الهيكل الاقتصادى والحماية الايكولوجية واستغلال الموارد.

وقال تشنغ ون كاى ان عدد الفقراء انخفض الى 2688 عام 2010 , وفقا لمعيار الفقر الحالى أى معدل دخل الفرد السنوى بلغ 1274 يوان . وقد عالجت الصين مشكلة الغذاء والكساء لنحو 200 مليون فقير خلال 32 سنة. وتعد الصين أبكر دولة نامية تحقق هدف تخفيف الفقر المندرج ضمن أهداف التنمية الألفية بشكل مسبق.

ويواجه 925 مليون شخص مشكلة الجوع فى العالم حاليا. وأوضحت المعلومات التى أعلنها البنك الدولى عام 2008 , ان نسبة الفقراء من اجمالى السكان المحليين فى شرق آسيا انخفضت من 80% الى 18% خلال الفترة من عام 1981 الى عام 2005, يرجع هذا الى المنجزات الكبيرة التى حققتها الصين فى تخفيف الفقر, وأتت 70% للمنجزات العالمية فى تخفيف الفقر من الصين فى الـ 25 سنة الماضية.

وقال تشنغ ون كاى ان المهمة الصينية فى تخفيف الفقر ستكون أصعب وأشق فى العشر سنوات التالية. اذ تختلف المناطق فى عدد السكان وتوزيع الموارد والبيئة. بالاضافة الى ذلك, وتواجه الصين مشاكل الحجم الكبير للفقراء وازدياد عوامل العودة الى الفقر وبروز الفقر النسبى وغيرها .

وأقام المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني اجتماعا يوم 26 ابريل الماضى للبحث فى وضع ومهمة أعمال تخفيف الفقر الحالية, ومناقشة (( المنهاج الصينى لتخفيف الفقر والتنمية فى الأرياف ( 2011 - 2020 ) )). وشدد الاجتماع على ان أعمال تخفيف الفقر والتنمية قد تحولت من مرحلة معالجة مشكلة الغذاء والكساء الى مرحلة جديدة لتثبيت منجزات الغذاء والكساء ورفع قدرة النمو وتسريع استئصال الفقر وتقليص فجوة النمو.

وأشار تشنغ ون كاى الى ان تخفيف الفقر فى العصر الحديث لا يهتم بالدخول فقط, بل يهتم بالثقافة والتعليم والطب وغيرها , مما يدفع التنمية الشاملة للذين تلقوا المساعدات عبر مشاريع تخفيف الفقر والتنمية فى العصر الحديث.